كان على المدارس تغيير البرامج التعليمية في وقت قصير، واضطر الجميع؛ معلمين كانوا أم أولياء أمور أم طلبة، للتكيّف مع الظروف الجديدة. كل فئة من الفئات المعنية بالعملية التعليمية عاشت هذه المرحلة بأشكال مختلفة. وفي الدراسة البحثية، حرِصنا على استكشاف الأثر الذي أحدثه التعلّم عن بعد في نمط معيشة الأسر، وفي شكل التدريس وجودة التعليم، وعلاقة هذه المنظومة بتقنية المعلومات عمومًا. وقد أمكننا استخلاص بعض النتائج من هذه الدراسة.
منهجية الدراسة
بتكليف من كاسبرسكي، أجرت شركة الأبحاث “تولونا” الدراسة عبر الإنترنت بين إبريل ويونيو 2021، بمشاركة 1,563 شخصًا من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتحديدًا من دول كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا وجنوب إفريقيا وكينيا ونيجيريا.
وأجريت في سياق الدراسة مقابلاتٌ مع أشخاص تتراوح سنهم بين 18 و55 عامًا أو يزيد. وقُسّم المشاركون إلى فئات بحسب السن ونوع النشاط؛ طلبة، ومدرسين، وأولياء أمور. وخضعت البيانات لعملية تنقيح لتصبح تمثيلية ومتسقة على المستوى الإقليمي. هذا، ولم تُضمَّن جميع نتائج الاستطلاع في هذا التقرير الموجز.
موقف البالغين من التعلم عن بعد. (كيف يقيّم البالغون التعلّم عن بعد)
- اختلفت التفضيلات في أشكال التعلم المرجوّة بعد نهاية أزمة الجائحة، إذ تفضّل غالبية ضئيلة من المشاركين العودة إلى عملية التعلّم التقليدية. أما جميع أولياء الأمور الآخرين فينقسمون بالتساوي تقريبًا بين من يرغبون في مواصلة الدراسة عبر الإنترنت ومن يفضلون التعلّم المختلط (بعض الأيام في المدرسة وبعض الأيام في المنزل).
- يشعر أولياء الأمور بالقلق إزاء صحّة أطفالهم، ويرجع ذلك في الغالب إلى زيادة وقت الجلوس أمام الشاشة، ما يعني إمكانية التأثير سلبًا في الصحة البصرية للأطفال.
- من بين العيوب الرئيسة للتعلّم عن بعد، أشار غالبية البالغين إلى تدنّي جودة التعليم، والإزعاج في الجمع بين تعلم الأطفال والعمل عن بعد في المنزل.
- يعتبر غالبية المعلمين أن التعلّم عبر الإنترنت أقلّ فعالية من التعلّم في الغرف الصفية التقليدية، لأن الأطفال لا يستوعبون المواد التعليمية مثلما لو كانوا في البيئة الصفية.
مشاكل تقنية
- وجد العديد من الآباء صعوبة في تزويد جميع أطفالهم بالأجهزة واضطروا إلى استعارة أجهزة أو شراء أخرى أو مشاركة أطفالهم بأجهزتهم الخاصة.
- شملت العناصر الجديدة التي أُدخلت في العملية التعليمية عروض الفيديو التعريفية والاختبارات الرقمية والمحادثات. وقلّ اللجوء إلى الألعاب التفاعلية مقارنة بالأدوات الأخرى.
- لاحظ أولياء الأمور أنه يتعين عليهم التدخّل للمساعدة إذا كان الطفل يعاني من بعض المشاكل التقنية أثناء المشاركة في الصفوف الدراسية عبر الإنترنت.
- كان من الصعب على الطلبة الاستمرار في التركيز طوال الوقت خلال الصفوف الدراسية عبر الإنترنت؛ فقد ساهمت عوامل مثل ممارسة ألعاب الفيديو أو الألعاب على الهاتف المحمول، ومشاهدة الأفلام أو المسلسلات، وقراءة الكتب أو المقالات، في تشتيت انتباههم.
- في المملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات، ثُبّتت برمجيات الاتصال عبر الفيديو ومشاركة الشاشة والتحكّم عن بعد، خصيصًا لأجل التعلّم عن بعد، في حين أن برمجيات مكافحة الفيروسات نُزّلت في كثير من الأحيان في وقت سابق.
- جرى تكييف البرنامج التعليمي للتدريس عبر الإنترنت في جميع البلدان.
تجربة الاطفال
- يفضّل الأطفال في تركيا والإمارات التعلّم التقليدي على تلقي الدروس عبر الإنترنت، في حين يفضل الأطفال في السعودية التعلم عن بعد.
- أكثر مزايا التعلم عن بعد المذكورة تمثلت في زيادة وقت الفراغ وإمكانية قضائه مع الأسرة.
- تغيّب الأطفال عن ممارسة الألعاب والتحدّث مع أصدقائهم في المدرسة أو بين الصفوف الدراسية، كان العيب الرئيس للتعلّم عن بعد لدى غالبية الطلبة المستطلعة آراؤهم في الدراسة.
- اشتكى الطلبة من جميع الدول من صعوبة الجلوس أمام الشاشة لفترة طويلة.
- لمس الطلبة صعوبة في فهم المواد التعليمية عبر الإنترنت، لا سيما العلوم الجادة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء، وفي بعض الحالات اللغات الأجنبية.
العمل والتعليم في مجال تقنية المعلومات
- يشعر غالبية الطلبة بالفضول تجاه تقنية المعلومات ويُبدون رغبتهم في العمل بهذا المجال في المستقبل، لا سيما الأطفال من الإمارات والسعودية.
- يريد أولياء الأمور بدورهم أن يتلقى أطفالهم تعليمًا تقنيًا، لا سيما في تركيا.
- عدد قليل فقط من البالغين غير مهتمين على الإطلاق بحصول أطفالهم عل دورات تقنية، إذ يفكر معظم أولياء الأمور من تركيا والإمارات والسعودية في إمكانية تسجيل أطفالهم في دروس للبرمجة أو الروبوتات.
الخلاصة
أظهرت الدراسة كيف تعامل الكبار والطلبة مع البداية المفاجئة للتعلّم عن بُعد إثر وقوع أزمة الجائحة العالمية. لكن التقنيات ساعدت على إتاحة تعليم مستمرّ، وتمكنت كل مجموعة بنجاح من التكيّف مع الظروف الجديدة. إلا أن النتائج كشفت عن أن التواصل الشخصي كان أحد أهمّ مكونات الدراسة، باعتباره ضروريًا لكل من المعلمين والطلبة.
نأمل أن تسمح التجربة المكتسبة من الانخراط في التعلّم عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم، بإعادة النظر في أشكال التدريب والتعليم التقليدية المعتادة، وإلقاء نظرة جديدة على الإمكانيات التي ينطوي عليها استخدام الأدوات الرقمية البديلة اللازمة في إنجاز الأعمال.