ويأتي نشر التقرير المعنون بـ “شكل التهديدات الرقمية المحيطة بالبُنى التحتية للفضاء” في وقت يشهد دخول المزيد من البلدان إلى ساحة الفضاء، حيث غدت دولة الإمارات أحدث اللاعبين الدوليين من خلال مشروع “مسبار الأمل”. وتلعب المؤسسات الأكاديمية الرائدة، كجامعة زايد، دورًا مهمًا في تطوير الموارد التقنية والبشرية اللازمة لتنفيذ بعثات فضائية مثل بعثة مسبار الأمل التي انطلقت العام الماضي إلى المريخ ووصلت إلى مدار حوله في شهر فبراير الماضي.
وكانت جامعة زايد صمّمت، بتمويل من وكالة الإمارات للفضاء، غرفة محاكاة للمريخ تهدف إلى تمكين الباحثين من دراسة بيئة الكوكب الأحمر قبل إرسال بعثات مأهولة إليه. كذلك نشر باحثو جامعة زايد مكتبة التواقيع الطيفية لبيئة الإمارات، والتي استخدمت في الحصول عليها أجهزة الاستشعار الطيفي الفائق العاملة عن بُعد، وغيرها من أجهزة الاستشعار.
ومن المنتظر أن يغدو السفر إلى الفضاء أمرًا طبيعيًا في المستقبل القريب، في ظلّ إطلاق المزيد من الدول بعثات إلى الفضاء، وفقًا لمنذر الدويري رئيس قسم الحوسبة والتكنولوجيا التطبيقية بجامعة زايد، الذي أشار إلى أن أحدث التطورات التقنية تيسّر مهمة بعثات استكشاف الفضاء، وقال: “لم يعد السفر إلى الفضاء محل اهتمام الحكومات وحدها، ولكنه أصبح يتمتع الآن بشعبية متزايدة في أوساط الشركات التي تهدف إلى إتاحته أمام الجميع”.
وتشمل البنى التحتية الفضائية أنظمة حيوية مثل الصواريخ والمحطات المدارية والأقمار الاصطناعية والأنظمة الجوية غير المأهولة والمسابير الفضائية والروبوتات وأنظمة الاتصالات بين الفضاء والأرض. وتُستخدم الأقمار الاصطناعية، مثلًا، في العديد من الاستخدامات، كمراقبة الطقس والغلاف الجوي وجمع المعلومات الاستخبارية وغيرها، فضلًا عن استكشاف النظام الشمسي والفضاء الخارجي. كما تُربط الأقمار الاصطناعية بأنظمة الاتصالات للإيصال الرسائل إلى المحطات الأرضية لتحليلها.
وغالبًا ما تشتمل بيئة البنى التحتية الفضائية هذه، تمامًا مثل أية بيئة بنيوية حيوية، على جانب العمل التقليدي الذي يؤديه مستخدمون، والذي يتصل بشبكات مؤسسية تستضيف خدمات البريد الإلكتروني والخدمات الرقمية وخوادم الملفات، هذا بالإضافة إلى المجال الميداني، الذي يمثله الفضاء، حيث تعمل المجسات الفضائية وأجهزة الاستشعار والمشغلات، بجانب الأقمار الاصطناعية أو الأنظمة المماثلة لها، على جمع البيانات من البيئة المادية المحيطة بها. وهناك أخيرًا المستوى الإشرافي أو الأرضي الذي يربط الأنظمة الميدانية بالشبكات المؤسسية لمراقبة البيانات المجمعة ومعالجتها.
وتتضمّن البنى التحتية الفضائية نقاط إدخال متعددة، بينها الشبكات المؤسسية (قطاع المستخدمين)، ومحطات الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية، والأقمار الاصطناعية نفسها، وأي نظام يتصل بالشبكات الفضائية للاستفادة من خدماتها. ويمكن في وقت مبكر من العام 2022 أن تزداد نقاط الإدخال هذه لتشمل أبراجًا للاتصال الخلوي عاملة بشبكات الجيل الرابع، أو LTE، تُنصب على سطح القمر.
وثمّة تهديد حقيقي تتعرض له البنى التحتية للفضاء؛ فقد شهدت السنوات الأخيرة نشاطًا للعديد من جهات التهديد التي تسيء إلى مختلف مرافق البنية التحتية الفضائية، إما بهدف تعطيل الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، أو استغلال هذه المرافق لاعتراض الأقمار الاصطناعية، أو سرقة المعلومات الحساسة. وفي ظلّ هذا المشهد تُظهر مختلف الدول حرصها على تشكيل وحدات مختصّة لحماية بناها التحتية الفضائية، مثل القوة الفضائية الأمريكية.
وفي هذا السياق، أكّد ماهر يموت الباحث الأمني الأول لدى كاسبرسكي، تعرّض البنى التحتية الحيوية التقليدية للخطر “مرارًا في السنوات القليلة الماضية”، ما أسفر في الغالب عن “عواقب وخيمة”، داعيًا المعنيين إلى “التعلم من أخطاء الماضي ووضع الأمن الرقمي في موضع متقدم على سلمّ الأولويات بالتزامن مع توسّع النشاط البشري في ميدان الفضاء”.
ويرى الخبراء أن السفر إلى الفضاء سوف يواصل اكتساب زخم متزايد مدفوعٍ بالعوامل التالية:
- سوف تصبح السياحة الفضائية شائعة وسيبدأ بناء الفنادق في الفضاء.
- سوف تمكّن الطائرات التي تعمل بالدفع الصاروخي البشر من السفر بسرعة تصل إلى 27,000 كيلومتر في الساعة.
- سوف تبدأ الروبوتات في لعب دور رواد الفضاء، لا سيما في الفضاء السحيق.
- سوف تُنشأ مستعمرات بشرية على كواكب مختلفة.
- سوف تبدأ صناعة التعدين في العمل في الفضاء.
ومن المنتظر أن تزيد هذه العوامل من الحاجة إلى البنى التحتية الفضائية الحيوية، وبالأخص أنظمة الاتصالات والشبكات، ما يوسع مساحة السطح المعرض للهجوم، ويمدّ مجال التعطيل، ويزيد جاذبية المكاسب المحتملة للجهات الإجرامية.
ومن الواضح أن السفر إلى الفضاء يحفز التقدّم التقني السريع، ما يحتّم إخضاع مرافق البنى التحتية وأنظمتها الحيوية للحماية منذ بدء التخطيط لإنشائها، نظرًا لأن النهج القائم على الحماية الكاملة للبنى التحتية الفضائية سيكون الخيار الوحيد المعقول في ظلّ التوجّه المتزايد للبشر نحو الفضاء.
لقراءة التقرير الكامل برجاء زيارة هذا الرابط.