يشهد عالم التكنولوجيا تطورًا دائمًا يومًا بعد يوم، وكذلك علاقتنا بالإنترنت تتطور معه. في التسعينيات مثلًا، كان الشيء الوحيد الذي عليك القلق بشأنه هو بريدك الإلكتروني، ثم بدأت بعد ذلك إنجاز الأعمال المصرفية عبر الإنترنت، والآن أصبح هاتفك الذكي متصلاً بالإنترنت وأصبح لديك حساب على فيس بوك... وأصبحت حياتك كلها متصلة بالإنترنت! كل شيء أصبح متشابكًا ومعقدًا. مزود خدمة الإنترنت يخزن كامل نشاطك على الإنترنت، كما أن موقع فيس بوك وربما المعلنين الآخرين يتابعون نشاطك. حتى أجهزة إنترنت الأشياء في منزلك قد تقوم بالإبلاغ عن نشاطك! لكل هذه الأسباب والعوامل، فإن الحفاظ على خصوصيتك أمر مهم بالفعل، حتى قبل ظهور المخترقين في المشهد…
ربما لم يسبق لك إدراك كم المعلومات الشخصية المتاحة على الإنترنت. لنستعرض هنا بعض أنواع المعلومات الموجودة، ولماذا قد يهتم بها المخترقون.
قد لا تدرك حتى أنه تم تخزين بعض هذه التفاصيل أو قد تشعر بالانزعاج من الطريقة التي يريد فيس بوك من خلالها إخبار أصدقائك عما اشتريته للتو أو استمعت إليه، أو الطريقة التي تعرض بها الشركات لك إعلانات عن شيء بحثت عنه قبل أسبوعين!
يقوم المخترقون دائمًا بتطوير تقنياتهم، فمثلاً كان التصيد الاحتيالي هو الطريقة التقليدية على مدار أكثر من عقدٍ من الزمان حيث كان يتضمن إرسال رسائل بريد إلكتروني مزيفة تطلب منك إما زيارة موقع ويب مخادع يبدو وكأنه موقع تثق به، أو يحتوي على روابط تقوم بتثبيت برامج ضارة على جهاز الكمبيوتر. أما الآن، تعمل الروابط المزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي المخترقة أيضًا كأساليب للتطفل على خصوصيتك وسرقة بياناتك.
شبكات Wi-Fi العامة رائعة حيث تتيح لك العمل حتى وأنت في المقهى، ولكنها تُعد أيضًا ثغرة أمنية ضخمة. توفر نقاط الاتصال غير المحمية للمخترقين طريقة أخرى لاختراق جهازك وسرقة بياناتك. ونظرًا لأن المخترقين يشكلون تهديدًا كبيرًا لخصوصيتك على الإنترنت، فما الذي يمكنك فعله حيال ذلك؟
لا تتطلب شبكة Wi-Fi العامة المصادقة للوصول إليها، وهذا -لا شك- أمر رائع بالنسبة للكثيرين، ولكنه فرصة سانحة للمخترقين أيضًا، لأنهم بدورهم لا يحتاجون إلى أي مصادقة! وبهذا حيث يمكنهم استخدام هجمات الوسيط (MTM) لسرقة بياناتك، أو يمكنهم في بعض الحالات أيضًا إعداد "مصيدة" في شكل نقطة اتصال Wi-Fi لسرقة بياناتك.
إذا كنت بحاجة إلى شبكة Wi-Fi لجهاز الكمبيوتر المحمول، فقد يكون من الأفضل مشاركة اتصال 4G المحمول من خلال إعداد هاتفك المحمول كنقطة اتصال Wi-Fi والسماح للكمبيوتر المحمول بالاتصال به بشكل آمن.
والأفضل من ذلك استخدم شبكة خاصة افتراضية (VPN)، والتي تنشئ لك بوابة خاصة بك وحدك للاتصال بالإنترنت.
من خلال إعادة توجيه حركة المرور على الإنترنت لإخفاء عنوان IP الخاص بك، فإن شبكة VPN تجعل تتبعك أمرًا مستحيلاً. ومن خلال تشفير المعلومات التي ترسلها عبر الإنترنت، فإنها تمنع أي شخص يريد اعتراض معلوماتك من القدرة على قراءتها، ويشمل ذلك مزود خدمة الإنترنت. لهذه الأسباب، تُعد شبكة VPN طريقة جيدة وفعالة لحماية خصوصيتك على الإنترنت.
إن شبكة VPN ليست جيدة فقط لخصوصيتك وأمانك على الإنترنت، بل لها بعض المزايا الأخرى كذلك: تسمح لك بزيارة المواقع الإلكترونية التي قد يحظرها موفر اتصال Wi-Fi في بعض الأماكن، مثل المواقع الإخبارية وفيس بوك وتويتر. ولأنها يمكنها الوصول إلى المحتوى المحظور حسب الموقع الجغرافي، فقد تكون مفيدة إذا كنت مسافرًا إلى الخارج وتريد الوصول إلى مواقع الحسابات المالية التي قد تكون محظورة على المستخدمين "الأجانب".
يمكنك العثور على العديد من شبكات VPN المجانية، ولكنها قد تكون تحت ببعض القيود. أما إذا كنت تريد حقًا حماية خصوصيتك عبر الإنترنت، فيجب عليك استخدام شبكة VPN مميزة؛ لن تندم على الاستثمار في هذا.
قد تفكر أيضًا في استخدام التشفير لحماية خصوصيتك على الإنترنت. في الواقع، من المحتمل أنك تفعل ذلك بالفعل إلى حد ما، لأن الشركات التي تتعامل مع بياناتك ستشفرها في بعض الأحيان. على سبيل المثال: ربما يستخدم البنك الذي تتعامل معه التشفير على موقعه الإلكتروني بشهادات SSL وTLS.
إذا رأيت قفلاً في بداية شريط عنوان المستعرض، فهذا يعني أن الرابط بين المستعرض والخادم مشفر. أما إذا كنت تملأ نموذجًا بدون القفل، فيمكن للمخترق إرفاق برنامج ضار بالخادم المستضيف للموقع الإلكتروني الذي يمكنه التنصت على اتصالاتك وسرقة بياناتك. أما إذا كنت تملؤها بتشفير SSL/TLS، فلا يمكن لأحد التنصت عليها.
توجد طريقة أخرى لمعرفة ما إذا كان الموقع الإلكتروني يستخدم تشفير SSL/TSL أم لا، وهي بدء عنوان URL بالبادئة https:// بدلاً من http:// حيث يُعد HTTPS بروتوكولاً أكثر أمانًا من بروتوكول HTTP. تذكر أنه رغن ذلا التشفير يحمي اتصالاتك فقط، وبمجرد وجود بياناتك على خادم الشركة قد تكون عرضة لأي هجوم على شبكة الشركة.
من المفيد أيضًا معرفة أن المكالمات الهاتفية على سكايب مشفرة بنسبة 100% طالما أنها تتم بنسبة 100% على سكايب، ولكن إذا قمت بإجراء مكالمة سكايب إلى رقم هاتف عادي، فلن يتم تشفير الرابط عبر شبكة الهاتف العامة (PSTN)، وهذا قد يسمح لأي شخص بالتنصت عليها. يمكنك كذلك الاستفادة من التشفير لرسائلك على فيس بوك باستخدام "المحادثات السرية" إذا كنت تستخدم هاتف آيفون أو أندرويد، ولكن ليس على جهاز الكمبيوتر أو الكمبيوتر المحمول.
أحد الأسباب التي جعلت واتس آب شائعًا جدًا هي التشفير الشامل للرسائل. التطبيقات الأخرى توفر تشفيرًا ولكنه لا يكون مُشغلاً كإعداد افتراضي، بل عليك البحث عن الإعداد لتشغيله (ما الذي قد يجعلك لا ترغب في ذلك على أي حال؟!)
قد تهتم أيضًا باستخدام برنامج التخفي Tor، وهو شبكة مستعرض مجهولة ومشفرة لتجنب تعقب محفوظات تصفحك. غالبًا ما يستخدم الصحفيون الاستقصائيون Tor، كما تفعل ذلك المنظمات غير الحكومية التي تعمل في بيئات معادية. هذا لا يعني أن Tor آمنًا تمامًا؛ فمن المعروف أن به برامج ضارة ولا يزال عرضة للهجمات الوسيطة.
يُعد التشفير إضافة رائعة عندما تريد حماية خصوصيتك عبر الإنترنت، لكن الحكومات لا توافق على ذلك دائمًا! يحاول البعض إجبار الشركات المزودة للتقنيات على تضمين ثغرة تسمح للجهات الأمنية بالوصول إلى البيانات، والمشكلة هنا بالطبع هي أنه بمجرد ترك ثغرة مفتوحة، سيحاول المخترقون الدخول منها.
عندما تفكر في كيفية حماية خصوصيتك عبر الإنترنت، يجدر التفكير فيما إذا كنت قد ترغب في تقليل بصمتك الرقمية. نحن معتادون على نشر الصور عبر الإنترنت أو إخبار أصدقائنا بما استمعنا إليه للتو أو المكان الذي كنا موجودين فيه على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكننا لا نفكر دائمًا في مكان تخزين هذه المعلومات أو الأغراض التي يمكن استخدامها من أجلها.
قد يعني هذا مقاومة بعض الاقتراحات التي تقدمها مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الأخرى، مثل الإشارة إلى الأشخاص الذين كنت معهم. قد يعني هذا إيقاف تشغيل خدمات تحديد الموقع لبعض مواقع التواصل الاجتماعي؛ يمكن لتقنين حضورك على الإنترنت مفيدًا جدًا في حماية خصوصيتك. يمكنك أيضًا التفكير في الطرق التالية لتقليل مقدار معلوماتك الشخصية المتاحة على الويب، والأشخاص المتاح لهم الوصول إليها:
تذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تبدأ كشركات إعلانات، بل بدأت كخدمة رأي المستخدمون العاديون أنها جعلت حياتهم أكثر متعة. قد تبدو كل هذه النصائح صعبة، لكنها مجرد طريقة لاستعادة متعة مواقع التواصل الاجتماعي، بدلاً من استنزاف خصوصيتك.
توجد الآن مجموعة كبيرة من البرامج المتاحة لك لحماية خصوصيتك وأمانك على الإنترنت: يهدف بعضها إلى منع مواقع الويب من تتبعك، والبعض الآخر يهدف إلى منع المخترقين من تثبيت البرامج الضارة على جهاز الكمبيوتر؛ بعضها متاح كإضافات لمستعرض الويب، بينما يتطلب البعض الآخر تثبيتًا منفصلاً. ربما تُعد تسميتها "برامج مكافحة المخترقين" أمرًا مبالغًا فيه قليلاً، فلن يوقف أحد المخترقين المصرين على الاختراق، ولكن استخدام هذا النوع من البرامج يمكن أن يصعّب جدًا على المخترق الدخول إلى جهاز الكمبيوتر أو الوصول إلى بياناتك.
يمكن مثلاً استخدام إضافات المستعرض لإيقاف تتبع المواقع الإلكترونية لك. موقع فيس بوك يتتبعك عندما يكون مفتوحًا حتى إذا لم تكن موجودًا على الموقع في ذلك الوقت، ويجمع سجل تصفحك لاستخدامه في عرض الإعلانات المستهدفة. ربما يكون هذا غرضًا بريئًا لك، ولكن ممارسات جمع البيانات ومشاركتها على فيس بوك لطالما كانت موضع شك، لذا فكر في حماية نفسك.
استخدم برنامجًا جيدًا لمكافحة الفيروسات والبرامج الضارة. إذا تمكن فيروس حصان طروادة الذي يسجل ضغطات لوحة المفاتيح من تثبيت نفسه على جهاز الكمبيوتر، فوداعًا لخصوصيتك عبر الإنترنت! تنظيف الكمبيوتر الشخصي أو الهاتف من وقت لآخر فكرة جيدة؛ فيجب عليك التأكد من عدم وجود برامج اختراق تراقبك.
قد ترغب كذلك في تنزيل تطبيق يمكنه محو بيانات هاتفك في حالة فقده أو سرقته. إذا قمت بمزامنة أجهزة جوجل، فيمكنك بالفعل إزالة البيانات من أي جهاز عن بُعد. لا تدع قائمة جهات الاتصال أو التطبيقات المصرفية في أيدي المخترقين، بل امسح محتويات الهاتف.
ليست برامج مكافحة الاختراق هي ما يجب أن تفكر فيه، بل كذلك المدير الجيد لكلمات المرور يستحق ثمنه مهما كان. إن استخدام كلمات مرور قوية وكلمات مرور مختلفة للحسابات والشبكات المختلفة هو ما نوصي به كإجراء وقائي أساسي لأي شخص يريد تقليل مخاطر التدخل، ولكن ليس من السهل القيام بذلك إذا كانت لديك حسابات كثيرة عليك تأمينها. استخدام مدير كلمات المرور يساعد في الحفاظ على أمان حساباتك؛ كل ما عليك هو التأكد من تأمين مدير كلمة المرور نفسه بكلمة مرور قوية.
يمكنك تثبيت كل أدوات الحماية هذه بشكل منفصل، كما يمكنك كذلك الاستفادة من برنامج Total Security من Kaspersky الذي يجمع كل أدوات الحماية التي تحتاجها في حزمة واحدة.
حماية خصوصيتك على الإنترنت تعني الحفاظ على أمان أجهزتك وشبكاتك. وقد ذكرنا بالفعل بعض الطرق للقيام بذلك، مثل استخدام مدير كلمات مرور جيد، وإليك بعض النصائح الإضافية التي يمكن أن تساعدك في حماية خصوصيتك من المخترقين:
من المفترض أن تساعد هذه النصائح في حظر جميع الثغرات الصغيرة التي يحب المخترقون استخدامها للدخول إلى الشبكات والتطبيقات والأجهزة، ويجب أن تساعد كذلك في الحفاظ على سير حياتك الخاصة بالطريقة التي تريدها ولا يطلع عليها أحد مع تطبيق الإجراءات الاحترازية الأخرى: تقليل بصمتك الرقمية واستخدام شبكة VPN واستخدام التشفير.
وأخيرًا، إذا كنت تهتم بحماية خصوصيتك على الإنترنت، فتأكد من مواكبة آخر مستجدات الأمن الإلكتروني. تظهر تهديدات جديدة دائمًا، وتظهر طرق جديدة للاستجابة لهذه التهديدات؛ تمامًا مثلما تقوم بتحديث برامج الكمبيوتر، حافظ على تحديث عقلك من خلال الاطلاع على مجتمع أمن تكنولوجيا المعلومات بين الحين والآخر والاطلاع على أحدث المقالات هنا في Kaspersky.com.
روابط ذات صلة
نصائح لمنع سرقة الهوية لمستخدمي فيس بوك
كشف الخصوصية على الإنترنت... ما أسوأ شيء يمكن حدوثه؟