يُعد التحرش الإلكتروني إحدى أسرع الجرائم نموًا في العالم، فهو جريمة خطيرة يمكن أن تدمر حياة الناس عبر استخدام الإنترنت لاستهداف الضحية وتخويفها.
لا شك أن التكنولوجيا قد غيرت حياتنا، فالآن يمكننا بسهولة البقاء على تواصل مع الأصدقاء حتى لو كانوا في قارات مختلفة، ومشاركة صور رحلات العطلات الرائعة، وإدارة حياتنا باستخدام مجموعة من التطبيقات المفيدة؛ ولكن للأسف، يوجد جانب سلبي لكل ذلك! فبعض الناس يستخدمون هذه التكنولوجيا لأغراض المضايقة والترهيب.
يُعرف التحرش الإلكتروني بكل بساطة بأنه "استخدام الإنترنت أو الوسائل الإلكترونية الأخرى لمضايقة ضحية بعينها وترهيبها".
تشمل الخصائص الشائعة -على سبيل المثال لا الحصر- سلوك "التحرش" الكلاسيكي، أي تتبع موقع شخص معين ومراقبة أنشطته على الإنترنت. في الواقع، من المعروف أن المتحرشين الإلكترونيين يستغلون أجهزة GPS الموجودة في سيارات ضحاياهم ويستفيدون من برامج التجسس لتحديد الموقع الجغرافي على هواتفهم، ومن ثم يتتبعون مواقع الضحايا بهوس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
ويمكن أن يتضمن التحرش الإلكتروني سلوكًا آخر يهدف إلى تخويف الضحايا أو جعل حياتهم لا تُطاق! فمثلًا قد يستهدف المتحرشون الإلكترونيون ضحاياهم على مواقع التواصل الاجتماعي ويتصيدونهم ويرسلون إليهم رسائل تهديد، كما قد يخترقون رسائل البريد الإلكتروني للتواصل مع جهات اتصال الضحية، بما في ذلك الأصدقاء وحتى أصحاب العمل. التحرش عبر مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يتضمن تزييف الصور أو إرسال رسائل تهديد خاصة، بل حتى ينشر المتحرشون الإلكترونيون في كثير من الأحيان شائعات خبيثة ويوجهون اتهامات كاذبة أو يفبركون مواد إباحية انتقامية وينشرونها، كما قد يتورطون أيضًا في سرقة الهوية وإنشاء ملفات تعريف وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي أو مدونات حول ضحيتهم.
الآن نحن نعرف تعريف التحرش الإلكتروني. ولكن من هم ضحاياه؟ قد تفاجئك الإجابة! في حين أن معظم ضحايا التحرش الإلكتروني من النساء، إلا أن الرجال يمثلون نسبة تتراوح من 20 إلى 40 بالمائة من الضحايا.
يتعدى التحرش الإلكتروني أكثر من مجرد متابعة شخصٍ ما على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي، بل قد يصل إلى الترهيب المتعمد، وهي السمة المميزة للتحرش الإلكتروني.
أحد الإجراءات الجيدة التي يجب عليك القيام بها الآن هي البحث عن نفسك على جوجل -أو أي محرك بحث آخر- واكتشاف المعلومات التي يمكن أن يجدها المتحرش الإلكتروني المحتمل عبر الإنترنت. قد يصدمك مدى سهولة تعقبك، ناهيك عن العثور على عنوان منزلك ورقم هاتفك وتفاصيل شخصية أخرى!
إذا شعرت أن هذا أمرًا سيئًا، فقد ترغب في التحقق كذلك من مقدار البيانات التي يمكن لشخص ما تجميعها إذا كان بإمكانه الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بأصدقائك وعائلتك أيضًا، فبهذا قد يكتشف مثلًا الكافية الذي كنت موجودًا فيه أول أمس، والأصدقاء الذين كانوا بصحبتك، أو وجهتك في عطلتك القادمة وموعدها.
قد تجد حتى أشياء منسوبة لك ولكن قام بتحميلها شخص آخر: مدونة مزيفة أو حساب على موقع يعرض يضع رقم هاتفك وعنوان منزلك به!
هذه هي الطريقة التي يبدأ بها المتحرشون الإلكترونيون لإجراء بحث عن ضحاياهم ومعرفة كل ما يمكنهم معرفته، وهذا يعني أنك ستحتاج بالتأكيد إلى زيادة صعوبة الحصول على هذه المعلومات قدر الإمكان.
ابدأ ببياناتك الخاصة. تفقّد حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي جيدًا واعمل على تفعيل إعدادات خصوصية قوية إذا لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل.
إذا كانت هناك بيانات شخصية أخرى متاحة على الإنترنت خارج حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، فابدأ بإزالتها؛ في حال عرض رقم ضمانك الاجتماعي مثلًا، سيساعدك جوجل في إزالته. قد تحتاج إلى الاتصال بمواقع خارجية لإزالة بعض البيانات. إذا كنت بحاجة إلى عنوان بريدي للأعمال أو لتسجيل نطاق الويب الخاص بك، فاستخدم عنوان منطقتك أو عنوان مكتب (مثل عنوان محاسبك) وليس عنوان منزلك.
إذا كنت تستخدم موقع للمواعدة عبر الإنترنت، فلا تقدم هويتك الكاملة على الموقع أو عبر البريد الإلكتروني. لا تعط رقم هاتفك إلا للأشخاص الذين قابلتهم بالفعل ولا تمانع في رؤيتهم مرة أخرى؛ إن أفضل نصيحة أمنية هي عدم ذكر اسمك بالكامل على الإنترنت أبدًا، بل اسمك الأول فقط.
احذر من أي مكالمات هاتفية ورسائل بريد إلكتروني واردة تطلب منك ذِكر معلومات شخصية، مهما كان الطلب المزعوم معقولًا! إذا اتصل بك البنك أو شركة البطاقات الائتمانية هاتفيًا، فاترك الهاتف واستخدم هاتفًا آخر (على سبيل المثال: إذا كان الاتصال على خطك الأرضي، فاستخدم هاتفك المحمول) للاتصال مرة أخرى والتحقق من صحة المكالمة. بالمثل، عند الاتصال بهم استخدم رقم هاتف المقر الرئيسي أو رقم الفرع الموجود في أوراق تعاقدك معهم وليس الرقم الذي تم إعطاؤه لك للتو. أيضًا لا تفصح عن رقم ضمانك الاجتماعي مطلقًا.
لن يساعدك تأمين بياناتك إذا تم اختراق هاتفك الذكي أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك. لمنع التحرش الإلكتروني، يجب عليك توفير مستوى أساسي من الأمان في حياتك عبر الإنترنت.
الانتحال الإلكتروني هو شكل من أشكال الاحتيال أو إساءة استخدام البيانات، ويقوم فيه شخصٌ ما بإنشاء هوية مزيفة عبر الإنترنت لاستهداف ضحية معينة. قد يستدرج المنتحلون الإلكترونيون ضحاياهم لإرسال صور أو مقاطع فيديو حميمة ثم يبتزونهم، أو قد يبدؤون علاقة ثم يطلبون المال لحالات طوارئ مفاجئة.
يمكن أن يكون المنتحلون الإلكترونيون مقنعين للغاية، ولكن يمكنك اكتشاف خداعهم بعدة طرق:
إذا تعرضت للتحرش عبر الإنترنت، فلا تنتظر مع عدم فعل شيء إلا الدعاء بأن تختفي المشكلة من تلقاء نفسها، بل تصرف فورًا.
احفظ نسخًا من أي اتصالات مُضمنة، بما في ذلك اتصالاتك الخاصة مثل تقارير الشرطة ورسائل البريد الإلكتروني الواردة من الشبكات. أنشئ نسخة احتياطية من الأدلة الموجودة على وحدة تخزين USB أو محرك أقراص خارجي.
يخضع التحرش الإلكتروني للقوانين العامة المتعلقة بالتحرش، مثل قانون العنف ضد المرأة لعام 1994 في الولايات المتحدة، وقانون الحماية من التحرش لعام 1997 في المملكة المتحدة. في أمريكا، أنشأت كاليفورنيا أول قانون على مستوى الولاية يتناول تحديدًا التحرش الإلكتروني كجريمة في عام 1999، وحذت الولايات الأخرى حذوها.
من الجيد تعريف التحرش الإلكتروني الآن على أنه جريمة خطيرة، فهو قادر على تدمير حياة الناس، ولكن لا تسمح له بأن يدمر حياتك أنت!
روابط ذات صلة
تحليل احتيال المواعدة عبر الإنترنت - كيف لا تقع ضحية للرومانسية الإلكترونية